قال لها أريدك أن تكتبي قصة حياتي
أثار طلبه دهشتها فاعتدلت في جلستها وقالت: قصة حياتك!!
- اعتدل هو الآخر في جلسته وقال: نعم، ان حياتي بها أشياء كثيرة ملهمة للآخرين وأريد أن يعرفوها علّها ترشدهم في طريقهم..
-هذا جيد..ولكن
سكتت لثوان ثم قالت: الأمور لا تحدث معي بهذه الطريقة..
-أي أمور؟ !
-أن أسمع منك أو من غيرك شيئا ثم أذهب لأكتب عنه قصة..
-ماذا يتطلب الأمر إذن..
-يتطلب أشياءا كثيرة، أهمها وأولها أن يلمس ما اكتب عنه قلبي وروحي-هنا سرت في جسمه قشعريرة-..إن لم يتحقق هذا الشيء لا أستطيع ان أكتب أي قصة وإن كتبت فستكون مملة مثيرة للضجر..
-قال :إنكِ تعطين الأمور أكثر من حجمها ..لماذا لا تجربين..
-أحست منه إصرارا فقالت:اذا كنت مهتما فأنا أعرف كاتبا موهوبا جدا و بارعا..يملك من المفردات وأدوات اللغة مايجعله يكتب عن كل شيء وأي شيء..
-قال وهو ينظر في عينيها عن قصد: لا أريد كاتبا بارعا..أريد كاتبا رائعا..
هنا تدفق الدم بسرعة الي وجنتيها وردت بإبتسامة :أنا فقط أخاف ان أخذلك..
حتي الخذلان منك جميل..كان هذا حديث نفس تراجع عنه وإكتفي بقوله : لا تخافي..
وافقت علي طلبه في النهاية..في يوم آخر حيث هناك متسع من الوقت لديهما جلس يحكي لها عن حياته بسعادة بالغة..
هو يعرف أن حياته ليس بها شيئا ملهما ولا شيئا يستحق التدوين سوي حبه لها..هو أرادها أن تكتب قصة حياته لأن هذا معناه ان تمضي وقتا بمفردها تفكر في بداية مشوقة للقصة ..هو يعرف أن أسعد أوقاتها تلك التي تقضيها وهي تكتب، لذلك أراد أن يحظي طيفه برفقتها في هذا الوقت..هو لا يكترث لأمر القصة، بل لتلك اللحظات التي ستمسك فيها بالقلم وتكتب عنه حينا ثم تتوقف حينا تفكر في "ماذا بعد".."ماذا سيحدث بعد ذلك"..هو يكترث لتلك الإبتسامة الرائعة والعينان اللتان ستلمعان بعدما تنتهي من كتابة القصة..هو يكترث لتلك التنهيدة التي ستخرج منها بعد عناء قضته في كتابة القصة ...رغم أن في ذلك مجازفة كبيرة لأنه يعرف أنها ربما لن تهتم لأمره بعد هذه القصة، لأنها أخبرته مرة أنها تتحرر من الأشياء والأشخاص عندما تكتب عنهم ..لكنه يطمع بجزء من وقتها علّها في هذا الوقت تدرك أنه يحبها فيدق قلبها له..
رضوي عادل